قال: (الدليل الرابع: قوله تعالى: (( وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ))[التوبة:122]).
ووجه الاستدلال بالآية في قوله تعالى: (طائفة)، ثم قوله: (وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ)، فالطائفة تطلق على الواحد مضاعفاً الواحد والاثنين والثلاثة يقال لهم: (طائفة)، فلو أن قبيلة من العرب لم يأتِ منها إلا رجل واحد يتعلم عند رسول الله صلى الله عليه وسلم لكفى ذلك في إقامة الحجة عليهم، ولو كان واحداً.
يقول الشيخ: (والطائفة تقع على الواحد فما فوق) والإنذار المذكور في قوله تعالى: (وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ): هو الإعلام بما يفيد العلم، فلو كان الإنذار لا يفيد العلم لما كان له فائدة، فدل ذلك على أن الواحد فأكثر، أو الاثنان أو الثلاثة إذا أنذروا عن الله أو عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن ذلك حق، وأن هذا مما حض الله تبارك وتعالى عليه، وبين الحكمة فيه وهي: أن المؤمنين لا يستطيعون أن ينفروا كافة، ولكن إذا نفرت منهم طائفة، وتفقهت في الدين؛ عادت إلى قومها لتنذرهم -أي: لتعلمهم إعلاماً- وتفيدهم العلم.
قال: وقوله: (لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ) هذا مثل: (لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ)، (لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ)، (لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ)، فينبني على ذلك عمل وهو: الحذر، والتقوى، فيتفقهون، ويتقون، ويعقلون، ويجتنبون ما نهاهم عنه إن كان نهياً، ويمتثلون ما أمر به إن كان أمراً، فهذا دليل على أن الخبر يفيد العلم.